دمشق، العاصمة السورية الأقدم في العالم و أحدى أقدم مدن العالم مع تاريخ غير منقطع منهم من يذهب الى أنها تعود لأحد عشر ألف عام تقريبًا، ومنهم من يقول أنها تعود ل 4000 عام متواصل وغير ذلك من الاجتهادات في تقدير عمر دمشق الزمني .
فقد ورد ذكر المدينة في رسائل تل العمارنة التي تعود إلى القرن الرابع عشر ق.م باسم دمشقا، والمرجح أن أصل التسمية آرامي وهو "مشق" تتقدمه دال النسبة ومعنى العبارة "الأرض المزهرة أو الحديقة الغناء.
وفي نص آخر ذكر ان نشأة مدينة دمشق موغلة في القدم، إذ يعود سكناها إلى الألف الثانية ق.م، وورد ذكرها في النصوص المصرية والآشوريةبوصفها مركزاً اقتصادياً وسياسياً معروفاً في الشرق القديم. وقد كانت دمشق المملكة الآرامية في وقتها أهم دولة في سورية وأكثرها قوة. قاومت الآشوريين أنفسهم قبل أن يستطيعوا تدميرها عام 73222 ق.م. ومازال الباحثون منذ القدم يتدارسون تاريخ دمشق ويؤكدون عراقتها بكثير من الإستشهادات والمقولات ومع اختلاف الرؤى حول التاريخ الذي بنيت فيه هذه المدينة العريقة إلا أنه يذكر أن أول جدار بني في الأرض بعد الطوفان كان على تربة هذه المدينة التي احيطت في العهد الروماني بسور كبير وسبعة أبواب مطلة على كل الجهات, وذا ما يؤكده خصيف في قوله : ((لما هبط نوح من السفينة وأشرف من جبل حسمى رأى تل حران بين نهرين جلاب وديصان فأتى حران فخطها ثم أتي دمشق فخطها , فكانت حران أول مدينة خطت بعد الطوفان ثم دمشق )) ([1])
منذ العصور القديمة، اشتهرت دمشق بوصفها مدينة تجارية، تقصدها القوافل للراحة أو التبضع، كانت المدينة إحدى محطات طريق الحرير،وطريق البحر، وموكب الحج الشامي، والقوافل المتجهة إلى فارس أو آسيا الصغرى أو مصر أو الجزيرة العربية هذا الدور الاقتصادي البارز لعب دورًا في إغناء المدينة وتحويلها إلى مقصد ثقافي وسياسي أيضًا، فالمدينة كانت خلال تاريخها مركزًا لعدد من الدول أهمها الدولة الأموية - أكبر دولة إسلامية من حيث المساحة في التاريخ، وفيها أقامت ودفنت شخصيات بارزة في تاريخ الشرق مثل صلاح الدين الأيوبي والظاهر بيبرس. وقد اعتبرت دمشق عام 2010 واحدة من أفضل المقاصد السياحية في العالم،
تُعرف أيضًا بأسماء عديدة منها الشام ومدينة الياسمين؛ وقد احتلت مكانة إقليمية بارزة على صعيد الفنون، والآداب، والسياسة؛ وحظيت باهتمام الأدباء والشعراء والرحالة ونظم في وصفها العديد من النصوص الشعريّة والأدبيّة، نذكر منهم ياقوت الحموي الذي قال (( ما وصفت الجنة بشيء الا وفي دمشق مثله )) ( [2])
ويقول نزار قباني أيضاً: ((كتب الله أن تكوني دمشقاً.. بكِ يبدأ وينتهي التكوينُ علّمينا فقه العروبة يا شام فأنتِ البيان والتبيين إن نهر التاريخ ينبع في الشام… أيلغي التاريخ طرحٌ عجين؟)) ( [3] )
وشهدت دمشق في مرحلة سوريا الأنتيكية، ازدهارًا عمرانيًا، وتخطيطًا على نمط هيبوداموس وتوسعًا، واحتوت كعواصم العالم الإغريقي، مسارح، وساحات لسباق الخيل، وحمامات، وأقواس نصر، ومدافن فخمة، ويعود لتلك الحقبة من تاريخ دمشق، نمو سورها، وأبوابها، ويضيف بعض المؤرخين قلعتها. خلال مرحلة ما قبل الميلاد، انتشرت عبادة الإله الآرامي حدد - وهو المقابل لجوبتير الروماني، وزيوس اليوناني، ضمن سياسة توفيق الآلهة - في المدينة؛ ووصف بكونه سيّد دمشق، وشيّد على اسمه معبد جوبتير؛ ووجدت في دمشق جماعات ضخمة من يهود سوريامن مرحلة قبل الميلاد، وانتشرت فيها المسيحية منذ قرنها الأول، وحسب سفر أعمال الرسل، فإن القديس بولس، تحوّل إلى المسيحية قرب دمشق، ومنها انطلق في النشاط التبشيري، بعد أن تمّت تدليته في سلة من إحدى نوافذ السور، إذ أراد الحاكم إلقاء القبض عليه وقتله
لدمشق سبعة أبواب فتحت حسب الحاجة إليها وسهولة الدفاع عنها ولهذا كان في الجانب الشمالي من المدينة ثلاثة أبواب لأنه أكثر جوانبها تحصيناً لوجود النهر (نهر بردى) حوله. هذه الأبواب هي الباب الشرقي من جهة الشرق والباب الكبير (باب الجابيه) في الغرب, وباب توما, باب الجنيق, باب الفراديس في الشمال, والباب الصغير, وباب كيسان في الجنوب
( أ, ن ) دمشق، عاصمة التاريخ التي عشقها الحالمون، والبسطاء والشعراء، والمجانين، تلك المدينة المرمية على حجر الكون، ضاربة في الأشياء منذ بداية أول حرف من الأبجدية الأولى التي توزعت على الناس كرغيف خبز. (...... ) تعي دمشق جيدا أنها جميلة لمجرد أنها هي، محتفظة بوقارها الأزلي، جميلة حد الدهشة، ومغرورة ككائن يعرف أنه يملك أكثر مما يملكه الآخرون: الرؤى واليقين . ([4])
تحوي مدينة دمشق نمطًا تقليديًا من الأسواق المسقوفة، داخل الأسوار وخارجها، أبرز أسواق دمشق المسقوفة أربع: سوق الحميدية، وسوق مدحت باشا، والبزورية، والحريقة، فضلاً عن وجود الأسواق التخصصية مثل سوق الجزماتية بشكل عام يمكن إحصاء خمسين سوقًا تقليديًا متنوع الاستخدامات في مدينة دمشق؛ وتشكل فضلاً عن كونها ذات أهمية تراثية وأثرية كبيرة، أحد شرايين المدينة الاقتصادية حتى وقتنا الراهن. ويلاحظ بشكل خاص في سوريا العثمانية ازدهار "الخانات"، التي تحولت أغلبها لمتاحف، وأبرزها خان أسعد باشا. الأشكال الحديثة من الأسواق، يمكن تقسيمها إلى فئتين: الشوارع التي تكثر فيها المحلات التجارية مثل شارع الشعلان، وشارع الحمراء، ويعتبر البعض منطقة أبو رمانة بوصفها الوسط التجاري لدمشق الحديثة؛ والمراكز التجارية الكبيرة، وتحوي دمشق عددًا كبيرًا منها مالكي بلازا مول، ومونوبري دمشق.
([1]) مختصر تاريخ دمشق ابن منظور المجلد الأول
([2]) كتاب ياقوت الحموي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق